الخميس، 9 ديسمبر 2010

مجله جواهر

مطر بن لاحج: التجربة أكبر معلّم للفنان
حوار: ظافر جلود

الفنان التشكيلي مطر بن لاحج .. رسام إماراتي نشيط استطاع أن يتميز بأسلوبه الذي استمده من واقع الطبيعة والحياة .. كما أنه نحات ومصور مبدع ذاع صيته في السنوات القليلة الماضية من خلال مشاركته في العديد من المعارض داخل وخارج دولة الإمارات، مثل ( معرض فن أبوظبي ) و(معرض برلين للفنون ) في ألمانيا .. مطر بن لاحج حقق ذاته وتطور من خلال دراسة المفاهيم والأسس الفنية، والاطلاع والتدريب المستمر .
حصل ابن لاحج على اهتمام هواة جمع الأعمال الفنية المعاصرة في الإمارات وخارجها . كما قام بإعداد وتنفيذ العديد من الورش الفنية والإشراف عليها في مجال الفن المعاصر، وقام بإعداد البرامج الفنية التي من شأنها اكتشاف المواهب، مثل برنامج ( اكتشف موهبتك مع مطر ) ، وأيضاً هو صاحب فكرة اكتشاف المواهب من خلال إقامة دورات صيفية بمسمى ( أكثر من فن ) تم تنفيذها بالتعاون مع مجموعة من الفنانين الإماراتيين في مجالات الفن التشكيلي ‬المختلفة على مدار خمس سنوات متتالية .

في هذا الحوار نكتشف دلالات أعماقه عبر اللوحة التي تشكل هاجس حضوره الفكري والفني، لاسيما وأنه بات من عناصر تدفق اللون ومزجه مع هذه التكوينات الجسدية في الإمارات وبحث
ه الدائم عن الهوية ..

* يشكل اللون في لوحاتك هاجساً وبحثاً عن تقنيات وإنشاء اللوحة .. ما تعليقك؟
- في طبيعة الحال تكمن قوة الرسام في التعبير عن موضوعاته من خلال الألوان، فالاستخدام الذكي للون يجسد الفكرة بشكل أوضح وإبداع أكثر، ويترجم أفكار الفنان بأسلوب يساعد المتذوق على معرفة الاتجاه التقني لدى الفنان ومدى الشاعرية التي تجسد موضوعاته .

* ومن أين تستقي هذه الألوان، هل الطبيعة مصدرها أم الحيوان؟
- عندما يبلغ الفنان مبلغ الاحتراف التقني، تدار الأفكار بشكل أكثر نظامية من البدايات المتخبطة، فالمحترف يتعايش مع موضوعاته من خلال الأجواء المحيطة به التي تعكس مشاعر الفنان بطريقة غير مباشرة، فاللون عند الفنان المتمكن ينبع من واقع خبرته واتجاهه الفني . ومنبع ألواني أستقيها من الطبيعة ومن الحركة ومن اللون الزمني في الشروق والغروب .

* هناك تأثُّر في أسلوبك من خلال الامتزاج بين الفكرة والألوان، بمن تأثرت؟ ومن أي المدارس نهلت؟
- كما أسلفت، إذا تمكن الفنان من أدواته ومعطيات عمله فهذا يؤدي إلى الثقة في الامتزاجية اللونية والحركية والإنتاج المتقن . ومن خلال مسيرتي الفنية في عالم الرسم، انتهجت منهج التجربة في كل أعمالي، وأيقنت أن أكبر معلّم لي هو التجربة، ثم التجربة، فقد كنت لسنوات طويلة أتعلم من خلال التجربة والانتقال بين التقنيات، الأمر الذي أدى بالتالي إلى تكوين ذخيرة كبيرة استطعت أن أعتمد عليها في إنتاجي الفني، فالطبيعة والتجربة أكبر مدرسة تعلمت منها وتأثرت بها .

* الحيوان مصدر أساسي في لغة اللوحة، هل تأثرت لوحاتك وألوانك به؟
- إن مشاريعي الفنية كثيرة، وخططي مدونة، وكمية الاتجاهات ومعالجة كل الموضوعات التي تأثرت بها لا حد لها، فانتقالي في موضوعاتي من نوع إلى آخر هو نتاج الاطلاع والبحث والتأثير الضمني الذي يتأثر به الفنان في عالمه .. أما بالنسبة إلى التأثير في لوحاتي؛ فهو استخدام متناسق يفي بالغرض من موضوع اللوحة، ومثال على ذلك ( الخيل ) ، فموضوعاتي الأخيرة فيها نوع من العنفوان والحركة المتسارعة والانتقال الممتزج في
الجري عند الخيل والحركة الإيحائية ..

* هناك تشابه ( وليس تأثراً ) في أعمالك مع الفنان العراقي الشهير رافع الناصري؟
- الفنان العراقي رافع الناصري أستاذ كبير ومنهل من مناهل الفن الحسي، فأعتقد أن التشابه اللوني قريب أكثر من التكوين الموضوعي، فهو ينتهج التلوين الحسي والترميز من خلال أعماله التجريدية .

* في مشاريعك كثير من الاتجاهات، منها مرسمك، وبحثك عن حياة للرسم والنحت، أين تريد أن تتجه؟
- مطر بن لاحج، فنان تشكيلي في المقام الأول، واتجاهي يأتي بالترتيب : ( الرسم بكل أنواعه، النحت، التصوير ) ، فاتجاه مطر بن لاحج شيء منفصل عن مرسمه، وهذا مشروع مقدم للمجتمع، وأنا أمثل نفسي في المقام الأول من خلال أعمالي، فهدفي من مرسم مطر هو خدمة الحركة الفنية وانتشال المواهب الشابة من بحر الإهمال، وهو مشروع إنقاذ للمواهب .

* هل الحداثة في الرسم باتت من ملامح المشهد الإماراتي؟
- في السنوات الأخيرة أصبحت الإمارات عاصمة أو قبلة للفن، يأتي إليها الفنانون من كل أقطار العالم، هذا النزوح الفني الكبير أسهم بشكل كبير في الاهتمام بالفن على أكبر مستوى، الأمر الذي أدى بالتالي إلى وضع النظم والقوانين التي تضبط هذه الحركة، ووجود مقرات في الدولة أسهمت أيضاً في رفع الحس والوعي الفني .. بطبيعة الحال أصبح التخصص مطلوباً، والأسلوب الحداثي فرض نفسه بشكل كبير لأن منبع الفن الحديث الذي ننهل منه جاء إلينا من الخارج، وخصوصاً في مناهج الجامعات .

* متى ترسم، وهل نقطة البداية تبدأ من التكوين الفكري أم من التكوين اللوني؟
- هناك حالتان في بداية أي عمل فني : الحالة العملية، والحالة الذهنية، ففي الحالة الأولى يكون التطبيق المباشر على اللوحة أو العمل الفني والتنفيذ والدخول المرحلي، وفي الحالة الثانية الحالة الذهنية التي تحاكي كل عمل فني في أي وقت، وفي كل الحالات أستخدم الحالة الذهنية في تطوير عملي من خلال التفكير الدائم في تكوينات العمل والمرحلة المنجزة من العمل، فبعد كل مرحلة يكون هناك نوع من التقييم الداخلي الخاص يساعد على الوصول بالعمل الفني إلى أرقى وأجود حدٍّ ممكن .

* هل أسلوبك نتاج مدارس محددة أم مطلقة؟
- أسلوبي انتهجته بعد تجارب كثيرة وعديدة، وبعد البحث عن هوية ومنهج وبصمة خاصة بي، ليعرف من يرى لوحاتي أن هذا الأسلوب أسلوبي الخاص، هذه المرحلة تستغرق وقتاً طويلاً، قد يطول وقد يقصر بقدر الجهد والعطاء والبحث الجيد والهدف الواضح .

* كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي عموماً في الدولة؟
- أراه مشرقاً إن شاء لله، فكل المؤشرات تدل على مستقبل باهر، لاسيما أن حكومتنا الرشيدة تتجه إلى وضع حلول ومبادرات تخدم الحركة الفنية فتنتهج منهج ( رفع الذائقة الفنية عند الشعوب يؤدي إلى رقيّها ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

mattarbinlahej@gmail.com